سورة الزمر - تفسير تفسير الثعلبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8)}
{تَنزِيلُ الكتاب}.
قال الفراء: معناه هذا تنزيل الكتاب، وإن شئت رفعته لمن، مجازه: من الله تنزيل الكتاب، وإن شئت جعلته إبتداء وخبره ممّا بعده.
{مِنَ الله العزيز الحكيم * إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الكتاب بالحق فاعبد الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين} أيّ الطاعة {الدين الخالص} قال قتادة: شهادة ان لا إله إلاّ الله.
قال أهل المعاني: لايستحق الدين الخالص إلاّ الله.
{والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} يعني الأصنام {مَا نَعْبُدُهُمْ} مجازه قالوا ما نعدهم.
{إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى}.
قال قتادة: وذلك أنهم كانوا إذا قيل لهم من ربكم ومن خلقكم وخلق السماوات والأرض ونزل من السماء ماء؟
قالوا: الله.
فيقال لهم: فما يعني عبادتكم الأوثان؟
قالوا: ليقربونا إلى الله زلفى وتشفع لنا عند الله.
قال الكلبي: وجوابه في الأحقاف {فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله قُرْبَاناً آلِهَةَ} [الأحقاف: 28] الآية.
{إِنَّ الله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} يوم القيامةِّ {فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} من أمر الدين {إِنَّ الله لاَ يَهْدِي} لدينه وحجته {مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ * لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً} كما زعموا {لاصطفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ سُبْحَانَهُ هُوَ الله الواحد القهار * خَلَقَ السماوات والأرض بالحق يُكَوِّرُ الليل عَلَى النهار وَيُكَوِّرُ النهار عَلَى الليل}.
قال قتادة: يعني يغشي هذا هذا ويغشي هذا هذا، نظيره قوله: {يُغْشِي الليل النهار} [الأعراف: 54].
وقال المؤرخ: يدخل هذا على هذا وهذا على هذا، نظيره قوله: {يُولِجُ الليل فِي النهار وَيُولِجُ النهار فِي الليل} [فاطر: 13].
قال مجاهد: يُدور.
وقال الحسن وابن حيان والكلبي: ينقص من الليل فيزيد في النهار وينقص من النهار فيزيد في الليل، فما نقص من الليل دخل في النهار ومانقص من النهار دخل في الليل، ومنتهى النقصان تسع ساعات ومنتهى الزيادة خمسة عشر ساعة، وأصل التكوير اللف والجمع، ومنه كور العمامة.
{وَسَخَّرَ الشمس والقمر كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى أَلا هُوَ العزيز الغفار * خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ} وأنشأ {وَأَنزَلَ لَكُمْ} وقال بعض أهل المعاني: جعلنا لكم نزلاً ورزقاً.
{مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} أصناف وأفراد، تفسيرها في سورة الأنعام {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ} نطفة ثم علقة ثم مضغة، كما قال: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} [نوح: 14].
وقال ابن زيد: معناه يخلقكم في بطون أُمهاتكم من بعد الخلق الأول الذي خلقكم في ظهر آدم.
{فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ} يعني البطن والرحم والمشيمة {ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ لَهُ الملك لا إله إِلاَّ هُوَ فأنى تُصْرَفُونَ} عن عبادته إلى عبادة غيره {إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يرضى لِعِبَادِهِ الكفر}.
فإن قيل: كيف؟
قال: ولا يرضى لعباده الكفر وقد كفروا.
قلنا: معناه لايرضى لعباده أن يكفروا به، وهذا كما يقول: لست أحب الاساءة وإن أحببت أن يسيء فلان فلانا فيعاقب.
وقال ابن عبّاس والسدي: معناه ولايرضى لعباده المخلصين المؤمنين الكفر، وهم الذين قال: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] [الإسراء: 65] فيكون عاماً في اللفظ خاصاً في المعنى كقوله: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ الله} [الإنسان: 6] وإنما يريد به بعض العباد دون البعض.
{وَإِن تَشْكُرُواْ} تؤمنوا ربّكم وتطيعوه {يَرْضَهُ لَكُمْ} ويثيبكم عليه {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور * وَإِذَا مَسَّ الإنسان ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ} مخلصاً راجعاً إليه مستغيثاً به {ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ} أعطاه، ومنه قيل للمال والعطاء: خول، والعبيد خول.
قال أبو النجم:
اعطي فلم يبخل ولم يبخل *** كوم الذرى من خول المخول
{نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ} ترك {مَا كَانَ يدعوا إِلَيْهِ مِن قَبْلُ} في حال النصر {وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً} يعني الأوثان.
وقال السدي: يعني أنداداً من الرجال، يطيعونهم في معاصي الله.
{لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا إنَّكَ مِنْ أصْحَابِ النَّارِ}


{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)}
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ} قرأ نافع وابن كثير ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة: {أمن} بتخفيف الميم.
وقرأ الآخرون بتشديده، فمن شدّده فله وجهان، أحدهما: تكون الميم في أم صلة ويكون معنى الكلام الإستفهام، وجوابه محذوف مجازه: أمن هو قانت كمن هو غير قانت، كقوله: {أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ} كمن لم يشرح الله صدره، أو تقول: أمن هو قانت كمن جعل لله أنداداً.
والوجه الثاني: أن يكون بمعنى العطف على الاستفهام مجازه: فهذا خير أم من هو قانت، فحذف لدلالة الكلام عليه ونحوها كثير.
ومن خفف فله وجهان.
أحدهما: أن يكون الألف في {أمن} بمعنى حرف النداء، تقديره: يامن هو قانت، والعرب تنادي بالألف كما تنادي بياء فتقول: يازيد أقبل، وأزيد أقبل.
قال أوس بن حجر:
أبني لبيني لستم بيد *** ألا يد ليست لها عضد
يعني يابني ليتني.
وقال آخر:
أضمر بن ضمرة ماذا ذكرت *** من صرمة أخذت بالمغار
فيكون معنى الآية: قل تمتع بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار، ويا من هو قانت آناء الليل إنك من أهل الجنّة، كما تقول: فلان لايصلي ولايصوم، فيا من تصلي وتصوم أبشر، فحذف لدلالة الكلام عليه.
والوجه الثاني: أن يكون الألف في {أمن} ألف إستفهام، ومعنى الكلام: أهذا كالذي جعل لله أنداداً، فاكتفى بما سبق إذ كان معنى الكلام مفهوماً.
كقول الشاعر:
فاقسم لو شيء أتانا رسوله سواك *** ولكن لم نجد لك مدفعاً
أراد لدفعناه.
وقال ابن عمر: القنوت قراءة القرآن وطول القيام.
وقال ابن عبّاس: الطاعة.
{آنَآءَ الليل} ساعاته {سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ الآخرة}.
أخبرنا عبد الله بن حامد الوزّان، أخبرنا محمّد بن خالد، أخبرنا داود بن سليمان، أخبرنا عبد بن حميد، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا يعقوب بن عبد الله عن جعفر عن سعيد بن جبير: أنه كان يقرأ: {أمن هو قانت اناء الليل ساجداً وقائماً يحذر عذاب الآخرة}.
{وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ}.
قال مقاتل: نزلت في عمار بن ياسر وأبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله المخزومي.
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذين يَعْلَمُونَ} يعني عمار {والذين لاَ يَعْلَمُونَ} يعني أبا حذيفة {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب}.
أخبرنا الحسين بن محمّد بن العدل حدثنا هارون بن محمّد بن هارون العطار حدثنا حازم ابن يحيى الحلواني حدثنا محمّد بن يحيى بن الطفيل حدثنا هشام بن يوسف حدثني محمّد بن إبراهيم اليماني قال: سمعت وهب بن منبه يقول: سمعت ابن عبّاس يقول: من أحب أن يهوّن الله تعالى الموقف عليه يوم القيامة، فليره الله في سواد الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه.
{قُلْ ياعباد الذين آمَنُواْ اتقوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هذه الدنيا حَسَنَةٌ} يعني الجنّة، عن مقاتل.
وقال السدي: يعني العافية والصحة.
{وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ} فهاجروا فيها واعتزلوا الأوثان، قاله مجاهد.
وقال مقاتل: يعني أرض الجنّة.
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
قال قتادة: لا والله ما هنالك مكيال ولا ميزان.
أخبرنا الحسين بن محمّد بن فنجويه الدينوري بقراءتي عليه، حدثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق السني حدثنا إبراهيم بن محمّد بن الضحاك حدثنا نصر بن مرزوق حدثنا اسيد بن موسى حدثنا بكر بن حبيش عن ضرار بن عمرو عن زيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: «تنصب الموازين يوم القيامة، فيؤتى بأهل الصلاة فيؤتون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصيام فيؤتون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصدقة فيؤتون أجورهم بالموازين، ويُؤتى بأهل الحج فيؤتون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان، ويصب عليهم الأجر صباً بغير حساب، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} حتّى يتمنى أهل العافية في الدُّنيا أن أجسادهم تُقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل».
قال حدثنا أبو علي بن جش المقرئ قال: حدثنا أبو سهل عن إسماعيل بن سيف عن جعفر بن سليمان الضبعي عن سعد بن الطريف عن الأصبغ بن نباتة قال: دخلت مع علي بن أبي طالب إلي الحسن بن علي رضي الله عنه نعوده فقال له علي: كيف أصبحت يابن رسول الله؟
قال: أصبحت بنعمة الله بارئاً.
قال: كذلك إن شاء الله.
ثم قال الحسن: أسندوني. فأسنده عليّ إلى صدره ثم قال: سمعت جَدي رسول الله يقول: «يابني أدِّ الفرائض تكن من أعبد الناس، وعليك بالقنوع تكن أغنى الناس، يا بني إن في الجنّة شجرة يُقال لها: شجرة البلوى، يؤتى بأهل البلاء فلا يُنصب لهم ميزان ولا يُنشر لهم ديوان، يُصبّ عليهم الأجر صبًّا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}».
حدثنا الحرث بن أبي اسامة حدثنا داود بن المخبر حدثنا عباد بن كثير عن أبي الزناد عن [.........]عن أبي ذر عن النبي أنه قال: «من سرّه أن يلحق بذوي الألباب والعقول فليصبر على الأذى والمكاره فذلك انه [.........] الجزع ومن جزع صيّره جزعه إلى النار، وما نال الفوز في القيامة إلاّ الصابرون إن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وقال الله تعالى: {وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عقبى الدار}».
{قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين * وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ المسلمين} من هذه الأمة {قُلْ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} فعبدت غيره {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} وهذا حين دعى إلى دين آبائه، قاله أكثر المفسرين.
وقال أبو حمزة الثمالي والسبب هذه الآية منسوخة، إنما هذا قبل أن غُفِرَ ذنب رسول الله عليه السلام.
{قُلِ الله أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي * فاعبدوا مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ}.
أمر توبيخ وتهديد كقوله: {اعملوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]. وقيل: نسختها آية القتال {قُلْ إِنَّ الخاسرين الذين خسروا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ} وأزواجهم وخدمهم في الجنّة {يَوْمَ القيامة أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الخسران المبين}.
قال ابن عبّاس: إن الله تعالى جعل لكل إنسان منزلاً في الجنّة وأهلاً، فمن عمل بطاعة الله تعالى كان له ذلك المنزل والأهل، ومن عمل بمعصية الله أخذه الله تعالى إلى النار، وكان المنزل ميراثاً لمن عمل بطاعة الله إلى ما كان له قبل ذلك وهو قوله تعالى: {أولئك هُمُ الوارثون} [المؤمنون: 10].
{لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ} أطباق وسرادق {مِّنَ النار} ودخانها {وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} مهاد وفراش من نار، وإنما سمّي الأسفل ظلاً، لأنها ظلل لمن تحتهم، نظيره قوله تعالى: {لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41] وقوله: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ العذاب مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [العنكبوت: 55] وقوله: {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] وقوله: {وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ} [الواقعة: 43] وقوله سبحانه وتعالى: {انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ} [المرسلات: 30].
{ذَلِكَ يُخَوِّفُ الله بِهِ عِبَادَهُ ياعباد فاتقون * والذين اجتنبوا الطاغوت} الأوثان {أَن يَعْبُدُوهَا وأنابوا} رجعوا له {إِلَى الله} إلى عبادة الله {لَهُمُ البشرى} في الدُّنيا بالجنّة وفي العقبى {فَبَشِّرْ عِبَادِ * الذين يَسْتَمِعُونَ القول فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} أرشده وأهداه إلى الحق.
أخبرنا الحسين بن محمّد الدينوري حدثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق أخبرنا إبراهيم بن محمّد حدثنا يونس حدثنا ابن وهب أخبرنا يحيى بن أيوب عن خالد بن يزيد عن عبد الله بن زحر عن سعيد بن مسعود قال: قال أبو الدرداء: لولا ثلاث ما أحببت أن أعيش يوماً واحداً: الظما بالهواجر، والسجود في جوف الليل، ومجالسه أقوام ينتقون من خير الكلام كما ينتقي طيب التمر.
قال قتادة: أحسنهُ طاعة الله.
وقال السدي: أحسنه مايرجون به فيعملون به.
{أولئك الذين هَدَاهُمُ الله وأولئك هُمْ أُوْلُواْ الألباب}.
عن ابن زيد في قوله: {والذين اجتنبوا الطاغوت} الآيتين: حدثني أبي: أن هاتين الآيتين نزلتا في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون: لا إله إلاّ الله، وهم زيد بن عمرو وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي.
{أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العذاب} يريد أبا لهب وولده {أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النار} أي: هو يكون من أهل النار، كرر الإستفهام كما كرر: أنكم {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ} [المؤمنون: 35].
ومثله كثير.


{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21) أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)}
{لكن الذين اتقوا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ} {غرف مبنية}، قال ابن عباس: من زبرجد وياقوت.
حدثنا عبد الله بن محمّد بن شنبه حدثنا [.........] حدثني طلحة حدثنا حماد عن أبي هارون عن مالك بن أنس عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله عليه السلام قال: «إن أهل الجنّة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم، فقالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لايبلغها غيرهم قال: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا باللّه وصدقوا المرسلين» {تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار وَعْدَ الله} نصب على المصدر: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السمآء} أي من السحاب {مَآءً فَسَلَكَهُ} فادخله {يَنَابِيعَ} عيوناً {فِي الأرض} قال: الشعبي والضحاك: كل ماء في الأرض فمن السماء نزل إنما ينزل من السماء إلى الصخرة ثم يقسم منها العيون والركايا {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ} ييبس {فَتَرَاهُ} بعد خضرته {مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً} أي فتاتا منكسراً متفتتاً {إِنَّ فِي ذَلِكَ لذكرى لأُوْلِي الألباب * أَفَمَن شَرَحَ الله} فتح الله {صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ} للإيمان {فَهُوَ على نُورٍ} على دلالة {مِّن رَّبِّهِ} قال قتادة: النور كتاب الله منه تأخذ وإليه ننتهي ومجاز الآية {أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ على نُورٍ مِّن رَّبِّهِ} أي أفمن شرح الله صدره للاسلام كمن أقسى قلبه.
أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه حدثنا عبيد الله بن محمّد بن شيبة حدثنا أبو جعفر محمّد بن الحسن بن يزيد حدثنا الموصلي ببغداد حدثنا أبو فروة واسمه يزيد بن محمّد حدثني أبي عن ابيه حدثنا زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحرث عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله عليه السلام: «أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه».
قلنا: يارسول الله كيف انشراح صدره؟
قال: «إذا دخل النور لقلبه انشرح وانفتح».
قلنا: يارسول الله فما علامة ذلك؟
قال: «الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت».
وقال الثمالي: بلغنا أنها نزلت في عمّار بن ياسر وقال مقاتل: {أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ} يعني النبييّ صلى الله عليه وسلم.
{فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ الله} أبو جهل وذويه من الكفّار {أولئك فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}. أخبرنا الحسن بن محمّد بن الحسين الحافظ أخبرنا أبو أحمد القاسم بن محمّد بن أحمد ابن عبد ربه السراج الصوفي أخبرنا [.
.....] يونس بن يعقوب البزاز حدثنا الحسين بن الفضل بن السمح البصري ببغداد حدثنا جندل حدثنا أبو مالك الواسطي الحسيني حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي عن داود بن أبي هند عن أبي نصرة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عزّ وجلّ: اطلبوا الحوائج من السمحاء فاني جعلت فيهم رحمتي ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم فإني جعلت فيهم سخطي».
أخبرنا الحسين بن محمّد حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن علي بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن محمّد عن وهب حدثنا يوسف بن الصباح العطار حدثنا إبراهيم بن سليمان بن الحجاج حدثنا عمي محمّد بن الحجاج حدثنا يوسف بن ميسرة بن جبير عن أبي إدريس الحولاني عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحبّ الرفق في الأمر كله ويحبّ كل قلب خاشع حليم رحيم يعلّم الناس الخير ويدعوا إلى طاعة الله ويبغض كل قلب قاس ينام الليل كله فلا يذكر الله تعالى ولايدري يرد عليه روحه أم لا».
أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه حدثنا ابن نصروية حدثنا ابن وهب حدثنا إبراهيم بن بسطام حدثنا سعيد بن عامر حدثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال: ماضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلبه وما غضب الله تعالى على قوم إلاّ نزع منهم الرحمة.
{الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث كِتَاباً مُّتَشَابِهاً}. قال ابن مسعود: وابن عباس: قال الصحابة: يا رسول الله لو حدثتنا، فنزلت {الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث كِتَاباً مُّتَشَابِهاً} يشبه بعضه بعضاً في الحسن ويصدق بعضه بعضاً ليس فيه تناقض ولا اختلاف فيه.
وقال قتادة: تشبه الآية الآية والكلمة الكلمة والحرف الحرف.
{مَّثَانِيَ} القرآن. قال المفسرون: يسمى القرآن مثاني لأنه تثنى فيه الأخبار والأحكام والحدود وثنى للتلاوة فلا يمل {تَقْشَعِرُّ} وتستنفر {جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله}.
يعني إلى العمل بكتاب الله والتصديق به وقيل إلى بمعنى اللام.
أخبرنا الحسين بن محمّد بن فنجويه حدثنا عبيد الله بن محمّد بن شنبه حدثنا أحمد بن داود حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا خلف بن سلمة عنه حدثنا هشيم عن حصين عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال: قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن؟
قالت: كانوا كما نعتهم الله تعالى تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم.
فقلت لها: إن ناساً اليوم إذا قريء عليهم القرآن؟
قالت: كما نعتهم: خر أحدهم مغشياً عليه.
فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وبه عن سلمة حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي: أن ابن عمر مرَّ برجل من أهل العراق ساقط فقال: ما بال هذا؟
قالوا: إنه إذا قرئ عليه القرآن وسمع ذكر الله تعالى سقط.
فقال ابن عمر: إنا لنخشى الله وما نسقط.
وقال ابن عمر: إن الشيطان يدخل في جوف أحدهم، ما كان هذا صنيع أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا الحسين بن محمّد بن فنجويه حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل حدثنا أبو نعيم حدثنا عمران أو حمران بن عبد العزيز قال: ذكر عند ابن سيرين الذين يصرعون إذا قرئ عليهم القرآن فقال: بيننا وبينهم أن يقعد أحدهم على ظهر بيت باسطاً رجليه ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره، فإن رمى بنفسه فهو صادق.
حدثنا الحسن بن محمّد حدثنا أبو بكر بن مالك حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا صلت ابن مسعود الجحدري حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا أبو عمران الجوني قال: وعظ موسى عليه السلام قومه فشق رجل منهم قميصه فقيل لموسى قل لصاحب القميص لايشق قميصه أيشرح لي عن قلبه.
أخبرنا الحسين بن محمّد حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن أبي سمرة البغوي حدثنا أحمد بن محمّد بن أبي شيبة حدثنا الحسن بن سعيد بن عمر حدثنا سعدان بن نصر أبو علي حدثنا نشابة عن أبي غسان المدني محمّد بن مطرف عن زيد بن أسلم قال: قرأ أُبي بن كعب عند النبي صلى الله عليه وسلم فرقّوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اغتنموا الدعاء عند الرقة فإنها رحمة».
أخبرنا الحسين بن محمّد حدثنا محمّد بن عبد الله بن برزة وموسى بن محمّد بن علي بن عبد الله قالا: حدثنا محمّد بن يحيى بن سليمان المروزي حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني أخبرنا الحسين بن محمّد وحدثنا موسى بن محمّد بن عليّ حدثنا محمّد بن عبدوس بن كامل حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني حدثنا عبد العزيز بن محمّد عن يزيد بن الهاد عن محمّد بن إبراهيم التيمي عن أم كلثوم بنت العبّاس عن العبّاس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تعالى تحاتت عنه ذنوبه كما تحاتت عن الشجر اليابسة ورقها».
أخبرنا الحسين بن محمّد حدثنا أحمد بن جعفر حدثنا حمدان حدثنا موسى بن إسحاق الأنصاري حدثنا محمّد بن معونة حدثنا الليث بن سعد حدثنا يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمّد بن إبراهيم التيمي عن أم كلثوم بنت العبّاس عن أبيها قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تعالى حرّمه الله تعالى على النار».
{ذَلِكَ} يعني أحسن الحديث {هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} وفيه ردَّ على القدرية {أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سواء العذاب يَوْمَ القيامة} أي شدته يوم القيامة.
قال مجاهد: يجر على وجهه في النار.
وقال عطاء: يُرمى به في النار منكوساً، فأول شيء تمسه النار وجهه.
وقال مقاتل: هو أن الكافر يُرمى به في النار مغلولة يداه إلى عنقه، وفي عنقه صخرة ضخمة مثل الجبل العظيم من الكبريت، فتشتعل النار في الحجر وهو معلق في عنقه، فحرّها ووهجها على وجهه لايطيق دفعها من وجهه من أجل الأغلال التي في يده وعنقه، ومجاز الآية {أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سواء العذاب يَوْمَ القيامة} كمن هو آمن من العذاب وهو كقوله: {أَفَمَن يلقى فِي النار خَيْرٌ} [فصلت: 40] الآية.
قال المسيب: نزلت هذه الآية في أبي جهل.
{وَقِيلَ} أي: ويقول الخزنة {لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} أي: وباله {كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * فَأَذَاقَهُمُ الله الخزي} العذاب والذل الّذي يستحيا منه {فِي الحياة الدنيا وَلَعَذَابُ الآخرة أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا القرآن مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآناً عَرَبِيّاً} نصب على الحال {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}.
قال مجاهد: يعني غير ذي لبس.
قال عثمان بن عفان: غير متضاد.
ابن عبّاس: غير مختلف.
السدي: غير مخلوق.
بكر بن عبد الله المزني غير ذي لحن.
{لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} الكفر والتكذيب به.

1 | 2 | 3